مظاهر إعلان الحِداد إيذاناً لذكرى استشهاد الجواد عليه السلام

تعتبر ذكرى استشهاد تقي الآل من الأحداث المهمة في التاريخ الإسلامي, لما تحمله في طياتها من قيمٍ ومعانٍ سامية لها وقع كبير في نفوس المسلمين, حيث شهدت رحاب الصحن الكاظمي الشريف ليلة السادس والعشرين من شهر ذي القعدة 1436هـ المراسم السنوية المهيبة لاستبدال رايتي القّبتين الشامختين للإمامين الجوادين"عليهما السلام" برايتي الحزن السوداء، إيذاناً لاستقبال الذكرى الأليمة لاستشهاد تاسع أئمة الهدى الإمام محمد بن علي الجواد "عليه السلام"، حيث أجريت تلك المراسم وسط أجواء إيمانية حزينة خيمت سماء هذه البقعة الطاهرة، حضرها الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة أ. د جمال عبد الرسول الدباغ وأعضاء مجلس الإدارة وخَدَمَة الإمامين الجوادين وشخصيات اجتماعية ورسمية وحشد غفير من زائري الإمامين الجوادين "عليهما السلام"، استهلت بتلاوة آي من كتاب الله العزيز للقارئ السيد عبد الكريم قاسم شنف بها أسماع الحاضرين، رافقتها مشاركة لمواكب مدينة الكاظمية بمراسم تأبينية حاملين فيها رايات الولاء بهذه الفاجعة الأليمة ، ثم أعقبها كلمة الأمانة للعتبة الكاظمية المقدسة وألقاها أمينها العام أ. د جمال الدباغ قائلاً: (إنّنا إذْ نتوقّفُ عندَ منظومةِ الخيرِ المتكامِلة المتناميةِ المتساميةِ عندَ عُنوانِ العطاءِ والبَذْلِ في سبيلِ اللهِ، وإنَّ التطلُّعَ إلى حياةِ الإمامِ الجوادِ "عليه السلام" وسيرتِهِ العَطرةِ وتُراثِهِ الخالِدِ إنّما هو تطلُّعٌ إلى صورةٍ من صوَرِ الإمامةِ الحقّةِ وإلى أنموذجٍ رفيعٍ للشَبابِ المؤمِنِ الصابرِ على دينِهِ والمترفِّعِ عنْ نَزَواتِ الشَّبابِ وانخداعِهِم بالحياةِ الدنيا وبِلَذّاتِها, فعلى الشابِّ المؤمن أنْ يستنبِطَ مِنْ مدرسَتِهِ الشريفةِ ويتَّعِظَ بها في تقويمِ سلوكِهِ وبناءِ شخصيَتِهِ في أنْ يكونَ انتقائياً في اختيارِ مَنْ يستمِعُ إليهِ ويستَرشِدُ به لا أنْ يكونَ عشوائياً ناعِقاً مع كلِّ ناعِقٍ فتَشتَبِهَ عليهِ الأمورُ وتختلِطَ عليه الأوراقُ. وأضاف: إنَّ على شبابِنا اليومَ أنْ يستلْهِموا كلَّ هذه المفرداتِ والمَعاني السّاميةِ التي تركَها لَنا جَوادُ الأئمةِ, فَمِنَ المُثلِجِ للصَدْرِ والسارِّ للقلبِ أنْ نُبصِرَ في مجتمعِنا العراقيّ هذا الصمودَ الرائعَ والشّجاعةَ الفائِقةَ من قِبَلِ شبابِنا المجاهِدِ على سواتِرِ التضحياتِ وهُمْ يحقِّقونَ الانتصاراتِ تِلوَ الانتصاراتِ مُتَحدّينَ الموتَ وهُمْ يُقدِّمونَ أنفسَهُم مشاريعَ استشهادٍ فداءً للعقيدةِ ودفاعاً عنْ وطنِهِم, قِبالةَ ذلكَ نرى - ومن المؤسِفِ - تفشّيَ ظاهرةِ الهِجرةِ ونُزوحِ البَعضِ من الشبابِ إلى خارِجِ البلدِ دونَ التحرُّزِ من المخاطِرِ المجهولةِ التي تنتَظرُهم والتي أودَتْ بحياةِ الكثيرينَ منْهم, كذلكَ تجاهُلهم وتغافُلَهم عنْ المؤامرةِ التي تُحاكُ لهُم ولِهذا الوطنِ الجريحِ من قِبَلِ القُوى الإستكبارية، فإنّ استنزافَ الطاقاتِ الشبابيةِ وتجريدَ العراقِ من العقولِ المفكِّرةِ ليسَ وليدَ هذهِ الأيامِ وإنّما هو استمرارٌ لمسلسلٍ عُدوانيٍ بدأَتْ تتفاقَمُ نتائِجُهُ وتزدادُ مُسبباتُهُ فالحذَرَ .. كلَّ الحذَرِ ممّا يُحاكُ لهذا الشعبِ ولشبابِهِ من مؤامرات, كما أنّنا لا نرضى لشبابِنا الذي يُغرَّرُ بهم لهذا المستوى المتدنّي منَ الرّوحِ الإنهزاميةِ والضَعفِ في مواجهةِ التحديات, ومن غيرِ اللائق بهم تخليهِم عنْ وطَنِهم ومقدّساتِهم وترْكِ مواقِعِهم الحقيقيةِ في بناءِ المجتمعِ وحمايةِ أمنِهِ وسلامَتِه). بعدها ارتقى المنصة سماحة الشيخ عَدِي الكاظمي وألقى كلمة بهذه المناسبة خاطب بها أصحاب القلوب المفجوعة بهذا المصاب الجلل، مبيناً شذرات من شخصية إمامنا الجواد "عليه السلام" ومقامها العظيم، كما سلط الضوء على أحد ألقابهِ التي اشتهر بها "عليه السلام" وهو "باب المراد"، موضحاً شروط التواصل مع الإمام المعصوم لا بد أن يتوافر فيه عنصر التقوى والنية الصادقة. وكانت هناك مشاركة للشاعر الأستاذ رياض عبد الغني الكاظمي بقصيدة رثائية عنوانها (راية الحزن) والتي رسم فيها صورة رائعة عبرت عن مدى الحزن والألم الذي أصاب نفوس موالي أهل البيت بفقدان شباب الأئمة الإمام الجواد "عليه السلام" ومنها هذه الأبيات : يا ابن الرضا هذي القلو بُ بباب عزّكَ مستكينَهْ جاءتك باسطةَ الولا ءِ اليك مثقلةَ المؤونَهْ عصفت بنا الأيامُ واجـ ـتاحَ الحمى فتنٌ لعينَهْ والمرجعية لم تزلْ بثباتها ترعى شؤونَهْ هيهات أن نخشى العدا وبها الحصون غدت أمينَهْ واختتمت المراسم بمجموعة من المراثي والقصائد العزائية شارك بها الرادود كرار الكاظمي واسى بها النبي الأكرم وأهل بيته الأطهار "عليهم السلام" بهذا المصاب الجلل.