الدكتور الدباغ .. نحن لا نريد ان نستهلك المعرفة بل نريد أن ننتج معرفة

تعقد الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وكعادتها في كل عام في شهر رجب الأصب مؤتمرها العلمي الدولي السنوي السادس، والذي يتزامن مع حلول الذكرى الأليمة لاستشهاد الإمام الكاظم "عليه السلام" وولادة حفيده الإمام الجواد "عليه السلام"، ويأتي عقد المؤتمر هذا العام إحياءً للذكرى الألفية لوفاة علم الهدى السيد الشريف المرتضى(قدس سره)، ولتسليط الضوء على الاستعدادات والتحضيرات الجارية لعقد هذا المؤتمر، والمحور الرئيس الذي سيتناوله، وأهم الفعاليات والنشاطات التي ستصاحبه؛ كان لنا لقاء مع رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة أ.د. جمال عبد الرسول الدباغ جاء فيه: ــ ما المغزى والهدف من عقد المؤتمر في هذه المرحلة حول شخصية السيد المرتضى (علم الهدى)، وما هي أهم الأسباب التي دعت اللجنة المنظمة له إلى اختيار هذا العنوان؟ تقيم العتبة الكاظمية المقدسة مؤتمراً علمياً دولياً سنوياً وهو تقليد دأبت على القيام به، وفي هذه السنة إن شاء الله سيعقد المؤتمر السادس حيث سبقته خمسة مؤتمرات اعتادت العتبة المقدسة أن تقيمها في شهر رجب مع حلول ذكرى استشهاد الإمام الكاظم"عليه السلام" وقبلها ولادة الإمام الجواد"عليه السلام"، وفي هذه السنة تحل الذكرى الألفية لوفاة علم كبير من أعلام الفكر ألا وهو السيد (المرتضى)، وهو كما تعلمون سيد علوي يرجع نسبه إلى الإمام الكاظم "عليه السلام"، فضلاً عن وجود مسجد في هذه المدينة المقدسة مجاور للعتبة المقدسة، وهو مسجد باسم (الشريف المرتضى)، وبهذه المناسبة ارتأت الأمانة العامة أن يكرس المؤتمر العلمي الدولي السنوي أعماله لهذه الذكرى الألفية، أما شعار المؤتمر (العلماء باقون ما بقي الدهر) في الواقع مقتبس من كلامٍ لأمير المؤمنين الإمام علي "عليه السلام" وهو يتحدث عن العلماء، فاقتطعنا هذه الجملة منه. نعم فالعلماء باقون ما بقي الدهر، ونلاحظ الآن كأحد الأمثلة وهو السيد المرتضى على الرغم من مرور ألف سنة على وفاته لا زالت هناك مؤلفات كبيرة تتناول نتاجه العلمي والمعرفي، وهناك رسائل(ماجستير) وأطاريح (دكتوراه)ومؤلفات كثيرة تناولت هذا النتاج، ولعل هناك استذكارات ومؤتمرات أخرى بهذا الشأن، وأنا اعتقد جازماً ان الأمر لا يقتصر على العتبة الكاظمية المقدسة في إحياء هذه الذكرى الألفية، ونتوقع أن تكون هناك ندوات ومؤتمرات في أماكن أخرى، وبالنتيجة هذا جزء من استحقاق علمائنا الأعلام، وكما ورد في الحديث( من ورخ عالماً فقد أحياه) فالعالم هو حي بعلمه فإن البقاء والخلود على مدى الدهر ليس بالبقاء المادي والجسدي، وإنما بما تركه من صدقة جارية. إن ما قدمه السيد المرتضى من نتاج معرفي لم يكن شيئاً عادياً وعابراً، فبعد مرور ألف سنة لا زال هذا النتاج موضع فائدة وبحث ومناقشة، وهذا دليل على أن ما قدمه لم يكن شيئاً عادياً استهلكه الزمن وهو يؤشر مدى متانة نتاجه المعرفي والعلمي. ــ حبذا لو تعطونا نبذة عن أهم الاستعدادات والتحضيرات التي باشرت بها اللجنة الاستشارية واللجان الخاصة لعقد المؤتمر، وما أنجز منها؟ قبل أن نطبع مطوية المؤتمر وشعاره والإعلان عنه في (البوسترات) توجد لدينا قائمة عناوين بريدية للباحثين المشاركين في مؤتمراتنا السابقة، وهؤلاء هم الحلقة الأقرب وكانت الخطوة الأولى في هذا المجال هو إشعارهم إننا بصدد عقد مؤتمر بالعنوان الذي أشرت إليه والتفاصيل الأخرى المتعلقة به، وأيضاً تم التنويه في موقع العتبة على شبكة (الانترنيت) حول هذا الموضوع، بعد ذلك عقدت اللجنة التحضيرية اجتماعاتها وهي متواصلة لحين قرب موعد المؤتمر، وقد تم إعداد المطوية، حيث تضمنت ابتداءً موعد المؤتمر وشعاره وأعضاء اللجنة التحضيرية وموعد عقده الذي حدد في يومي الخميس والجمعة (4 ــ5) من شهر رجب عام 1436 هـ الموافق (23 ــ24)من شهر نيسان عام 2015 م، وحددنا آخر موعد لاستلام البحوث والملخصات في الأول من شهر آذار 2015م، كما تم تحديد أهداف المؤتمر وهي أربعة: الأول: بيان أهمية تراث علمائنا الإعلام للأجيال فكرياً وإنسانيا. الثاني: المساهمة في نشر مؤلفات علمائنا وأثرهم في بناء المجتمع. الثالث: تنمية روح البحث العلمي، وإيجاد التواصل بين الباحثين وتلاقيهم في رحاب العتبة الكاظمية المقدسة. الرابع: استمرار حالة التواصل العلمي بين العتبات المقدسة والباحثين والمبدعين. وهناك تفاصيل أخرى يمكن الرجوع إلى تلك المطوية الخاصة بالمؤتمر. ــ ما هي أهم الفعاليات والنشاطات الثقافية التي ستقام تزامناً مع عقد المؤتمر العلمي؟ هناك أنشطة أخرى ستصاحب أسبوع انعقاد المؤتمر، ومن المؤمل أن تكون هناك ندوة فكرية عن حركة الجهاد في العراق، وتعلمون أن حركة الجهاد انطلقت سنة(1914م) من رحاب الصحن الكاظمي الشريف باتجاه البصرة لأن الانكليز نزلوا بقواتهم هناك فانطلق المجاهدون بقيادة (السيد مهدي الحيدري والشيخ مهدي الخالصي) ومجموعة من علمائنا في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، وحاربوا الاحتلال كما هو معلوم في التأريخ، والآن وفي الأشهر الماضية انطلقت حركة جهاد أخرى في ظل فتوى الجهاد الكفائي لسماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني "دام ظله وارف" وكأن الحالة تكررت مرة أخرى بعد مرور مائة سنة، والعتبة الكاظمية المقدسة بهذه المناسبة تريد أن تستذكر وتسلط الضوء على هذه الذكرى، حيث ستعقد هذه الندوة الفكرية على مدى يوم كامل وتخصص لحركة الجهاد، كما سيعقد بهذه المناسبة المهرجان الشعري الرابع الذي سيكرس فيما يتعلق بفكرة الجهاد وذكراه المئوية وارتباطه بيومنا هذا بالحركة الجهادية قبل مئة سنة، كما سيكون هناك معرضاً للكتاب وأيضا نسعى لإقامة معرض وثائقي يتعلق بحركة الجهاد تعرض فيه صور ووثائق توثق هذا الحدث. ــ برأيكم ما هو تأثير عقد مثل هكذا مؤتمرات على حركة العلم والفكر والثقافة التي تشهدها العتبات المقدسة، وما المتوقع أن يضيفه إلى مكتبتها العلمية؟ ابتداء وبلا تبجح أصبح لمؤتمرات العتبة الكاظمية المقدسة مكانة معينة، وهذا ما صرح به العديد من الباحثين المشاركين في هذه المؤتمرات وسمعناه منه مراراً، وحرصنا قبل أن أتشرف بكوني خادماً في هذا المكان بشكل رسمي على المشاركة ومنذ المؤتمر الثاني في اللجان التحضيرية بصفتي شخص أكاديمي وحاولت أن أنقل الأعراف والتقاليد الجامعية في ما يتعلق بالمؤتمرات وتقييم البحوث إلى العتبة المقدسة، ولم نكن نسعى إلى أن نقيم مؤتمراً لغرض إقامة المؤتمر فقط من الناحية الإعلامية بل حرصنا دائماً على إحالة البحوث إلى خبراء مختصين لتقييمها وكأنها بحوث مقدمة في ترقيات علمية جامعية ولغرض النشر في مجلات علمية محكمة وهكذا، وبالنتيجة ليس بالضرورة أننا نقبل أي بحث، وأتذكر في العام الماضي ورد للجنة التحضيرية بحدود(200) بحث وما قبل منها كان أقل من (100) بحث، وهكذا الحال في المهرجان الشعري فقد ورد إليه (58) قصيدة شعرية قبلت منها(27) قصيدة فقط، ولدينا معايير علمية ونحن متمسكون بها والهدف من ذلك هو أن يكون هناك إضافة معرفية حقيقية رصينة دقيقة تراعى فيها عملية تقييم البحوث، وفي هذه السنة وضعنا شرطاً جديداً يبدو متشدداً علمياً نوعاً ما، ألا وهو أن البحوث التي لا تحصل على درجة(70) بالمائة فأكثر لن تقبل، والهدف من ذلك هو أننا نريد المزيد من الرصانة، وهذه الرصانة بتقديري هي التي تحقق الإضافة المعرفية حتى نقول أننا قدمنا شيئاً، فنحن لا نريد أن نستهلك المعرفة بل نريد ان ننتج معرفة، وعملية إنتاج المعرفة تتطلب في جانب من الجوانب أن تراعي المعايير العلمية، وأن تقبل البحوث التي تحصل على تقييمات عالية. ختاما أسال الله العلي القدير أن يوفقنا وجميع المؤمنين لإعلاء كلمة الحق ونشر فكر وعلوم وفضائل النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" وأهل بيته الأطهار"عليهم السلام" والحمد لله رب العالمين.