مراسم رفع رايات الحزن وسط ذرف الدموع وتعالي الهتافات بـ " لبيك يا حسين "

في كل عام نقف لنترقب بروح تلتهب بحزن الطف، ونتوشح بالحزن والأسى ونرسم في كوامن عشقنا لكربلاء لوحة أبطالها صفوة الخلق، لتجدد فينا العزم على نصرة الحق حين خرج سبط الرسول الكريم "صلى الله عليه وآله وسلم" لطلب الإصلاح ورفض الظلم والطغيان، والتضحية من أجل إحقاق الحق وإقامة العدل والدفاع عن القيم الإسلامية النبيلة، واليوم العتبة الكاظمية تعلن حدادها لأبيّ الضيم وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين وأهل بيته "عليهم السلام"، وإقامة المراسم السنوية لاستبدال الرايات الخضراء التي تخفق فوق القبتين الشامختين للإمامين الجوادين "عليهما السلام" برايات الحزن السوداء . وشهدت المراسم العزائية حضور الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة أ . د "جمال الدباغ" وأعضاء مجلس الإدارة ورؤساء الأقسام والشعب وموكب خَدَمَة العتبة المطهرة وجمع غفير من أبناء مدينة الكاظمية المقدسة وزائري الإمامين الجوادين "عليهما السلام"، حيث استهلت بتلاوة معطرة من الذكر الحكيم شنف بها قارئ العتبة الحاج "منير عاشور" أسماع الحاضرين، وكان للمواكب الحسينية في مدينة الكاظمية المقدسة مشاركة عبّروا فيها عن حزنهم بهذا المصاب الجلل، تلتها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة والتي ألقاها أمينها العام أ. د"جمال الدباغ" وجاء فيها: " أصبح الإمام الحسين مثالاً يقتدى به وتسترفد منه الأمم والشعوب، واصبحت الثلّة المخلصة من الكواكب المنيرة من حوله، ممن صدقوا العهد، وممن يصدقُ عليهم وفيهم قوله تعالى: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" أصبحوا أسوةً حسنةً تستقى منها الدروس والعبر، وتعلّمنا كذلك من مولانا أبي الفضل العباس "عليه السلام" كيف يكون الوفاء، ومن العقيلة زينب "عليها السلام" كيف يكون الصبر عند نزول البلاء، ومن علي الأكبر ومن مسلم بن عوسجة وبرير بن خُضير، وحبيب بن مظاهر وغيرهم "رضوان الله عليهم أجمعين" كيف يكون الولاء الحقيقي، فلا ينبغي أن تمر علينا ذكراهم مروراً عابرا، وإنما يجب أن تكون ذكراهم منطلقاً للتأسي والجهاد في سبيل الله وخصوصاً أننا نعيش محنة الصراع مع أذناب قتلة الحسين ونظرائهم من المتوحشين الدواعش الذين لم يرعوا حرمةً لأحدٍ مسلماً كان أو غير مسلم، وليس أمامنا إلا الصمود والثبات في قتالهم دفاعاً عن حرماتنا ومقدساتنا وبلدنا العزيز..". بعدها ارتقى المنصة سماحة الشيخ "عماد الكاظمي" وألقى محاضرة دينية رفع فيها أحر التعازي إلى مقام الإمامين الجوادين باستشهاد جدهما الإمام الحسين "عليهم السلام" بيّن فيها كيف كان أئمة الهدى "عليهم السلام" يستقبلون شهر محرم الحرام ومصاب أبي عبد الله الحسين "عليه السلام" وذلك اليوم العظيم الذي سطر به أبو الأحرار الملاحم والبطولات، وأشار في حديثه إلى أن الإمام "عليه السلام" هو امتداد لمدرسة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" وهي امتداد لمدرسة الأنبياء وهي مدرسة الله تبارك وتعالى. كما استشهد سماحته بقول الإمام الحسين "عليه السلام": " أنّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلَا بَطِراً وَلَا مُفْسِداً وَلَا ظَالِماً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي صلى الله عليه وآله"، ووضح هذه الكلمات التي أراد فيها الإمام "عليه السلام" أن يبين حركته السياسية والاجتماعية والعقائدية، للأجيال عبر التاريخ، وأن الإصلاح هو هدف القرآن الكريم والرسالة المحمدية، عندما رأى الأمة قد انحرفت انحرافاً كبيراً أن تبايع ابن أكلة الأكباد خليفة للمسلمين، مؤكداً في مواضع حديثه هنا يكمن سر النهضة العظيمة، عندما بقى صوتها مدوياً في التاريخ مزلزلاً عروش الطواغيت، فدم الإمام الحسين "عليه السلام" هو خلود للمبادئ، ووقوفنا اليوم هو وقفة شموخ وإباء نريد بها أن نسجل موقفاً مع الحسين عندما قال " ألا من ناصر ينصرنا " . وتخللت المراسم مشاركة للشعر العربي الفصيح حيث ألقى الشاعر "عامر عزيز الأنباري " قصيدة ولائية عنوانها "طريق الحسين .. طريق النجاة" ومنها هذه الأبيات: هَلمّوُا بنا نحو أرض البلا نشدّ الرحال إلى كربلا إلى ابن النبوة وابن الكتاب وخامس أهل الكسا منزلا إلى سيـــد حبُّهُ طاعــــــة و وردُ لمن شاء أن ينْهلا إلى ابن الرسول إلى ابن البتول لمن قال للظلم كلا .. ولا بعدها رفعت الرايات الحزن وسط ذرف الدموع وتعالي الهتافات بـ " لبيك يا حسين"، كما كان لشعبة الهندسة الصوتية مشاركة بتسجيل صوتي لرائعة من من روائع القصائد الحسينية الخالدة وهي قصيدة " يا حسين بضمايرنا " للرادود الحسيني المرحوم "ياسين الرميثي"، واختتمت المراسم الولائية بالمراثي وبمشاركة للرادود الحسيني "كرار الكاظمي".