انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الدولي السنوي الثالث عشر

تتجلى سيرة حياة الإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء "عليهما السلام" كأحد أعظم النماذج في التاريخ الإنساني، وهما مثال للحب، والعدالة، والتضحية، وتعدّ سيرتهما المباركة "عليهما السلام" إرثاً ثقافياً وروحياً غنياً، إذ تركا أثراً عميقاً في قلوب المؤمنين، وما زالت تعاليمهما تمثل دعوة للسلام، والتسامح، والعدالة، وتجسد حياتهما الشريفة قيمة إنسانية خالدة، ولأجل إثراء الفكر الإسلامي المعاصر، وبرعاية مباركة من قبل الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة، خادم الإمامين الكاظمين الجوادين الدكتور حيدر حسن الشمّري انطلقت فعاليات المؤتمر العلمي الدولي السنوي الثالث عشر بعنوان: علي وفاطمة "عليهما السلام" وساطة فيض بين الحق والخلق، وتحت شعار: (سيد الأوصياء وسيدة النساء "عليهما السلام" قدوةٌ وأسوةٌ)، بحضور وفود العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة، وكوكبة من الشخصيات الأكاديمية البارزة ورؤساء وعمداء الجامعات العراقية ومديري المراكز والمؤسسات البحثية، ونخبة من فضلاء الحوزة العلمية الشريفة.

بدأت وقائعه بتلاوة مباركة من كتاب الله العزيز شنّف بها أسماع الحاضرين قارئ العتبة المقدسة السيد قاسم الزاملي، بعدها قراءة سورة الفاتحة المباركة أهدي ثوابها إلى أرواح الشهداء الأبرار، تلاها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة والتي ألقاها أمينها الدكتور حيدر الشمّري قائلاً: (من دواعي سرورنا أن نلتقيكم اليوم في هذه الرحاب الطاهرة وفي هذا اليوم المبارك لافتتاح فعاليات المؤتمر العلمي الدولي السنوي الثالث عشر ولأن عليا وفاطمة عليهما السلام وساطة فيض بين الحق والخلق.. كان مؤتمرنا تحت شعار (سيد الأوصياء وسيدة النساء عليهما السلام أسوة وقدوة) فهذا الشعار ألهَمَ الكثير من الباحثين والمهتمين بالشأن الإنساني والبحث العلمي على الصعيد الاجتماعي والتربوي والعقائدي والأخلاقي ليدلو بدلوهم وليبدعوا بأقلامهم بدراسات وآراء معرفية تسهم في إغناء المكتبة الإسلامية ونشر ثقافة وفكر أهل البيت "عليهم السلام" والتي تصقل شخصية الإنسان وترتقي بالمجتمع نحو مدارج الكمال.. بعد الاقتداء بأمير المؤمنين الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء "عليهما السلام" لما عرف عنهما بمكارم الأخلاق والتربية الصالحة والتزامهما بأخلاق القرآن الكريم وسنة رسول الله محمد "صلى الله عليه وآله وسلم" مما يشجع على استلهام العبر والدروس من منهاج حياتهما "عليهما السلام".

وبين: إن الإمام علي وفاطمة وضعا أسساً قوية لاحترام حقوق الإنسان من خلال سيرتهما وأفعالهما.. ولمبادئ العدالة والإنصاف والكرامة الإنسانية التي جسّدوها حتى أصبحت سيرتهما مرجعية أخلاقية ومنهجا ومنهلا لكل الفضائل.

وأضاف: إنَّ بناتنا وأبناءنا بل جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الخطيرة يواجهون تيارات جارفة تحاول أنْ تحرفهم عن جادة الحق وتُبْعِدَهم عن مبادئ الإسلام، بحجة ممارسة حريتهم الشخصية.. فتارة بالتقليد الأعمى للغرب وتارة بالإعلام الناعم وتارة بالتشجيع على التخلي عن مبادئنا وتقاليدنا ولن يتوقفوا عن غزوهم الفكري.. وطالما حذرت المرجعية الدينية المباركة متمثلة بسماحة آية العظمى السيد علي الحسيني السيستاني "دام ظله الوارف" في مناسبات عدة من الثقافات الهجينة والمستوردة لإسقاط المجتمعات وتفكيكها، محاولةً كسر عقيدة الأمة والتخلي عن مكارم أخلاقها، فلا يمكن الحفاظ على الأمة إلا بالعودة مجددا إلى كتاب الله وعترة النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" والتمسك بالثقلين.

لذا يجب علينا من خلال هذه المؤتمرات والفعاليات إيجاد الحلول المناسبة للحيلولة دون وقوع المحذور، بإقامة البرامج التنموية والتوعوية كما نرجو لمثل هذه المؤتمرات أنْ تكون فاعلة في المجتمع من خلال اعتماد ما يمكن تطبيقه بإعداد دراسات تخصصية، وليس الاكتفاء بالبحوث والكلمات واللقاءات، فأمير المؤمنين والسيدة الزهراء "عليهما السلام" علَّما الأمة منهج الحياة في ميادينه المختلفة، ولا بد من دراسة ذلك المنهج ومحاولة تطبيقه في مناهجنا التعليمية والتربوية في البيت والمدرسة والجامعة وأماكن العمل من أجل الحفاظ على مبادئ الأمة، وبناء جيلٍ إسلاميٍّ واعٍ لعقيدته التي قدَّمنا في سبيلها آلاف الشهداء).

أعقبتها كلمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر العلمي السنوي، وألقاها مدير قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الكاظمية المقدسة، عضو اللجنة التحضيرية فضيلة الشيخ عَدِي الكاظمي ورد فيها: (ابتدأَت خطوات هذا المؤتمر العلمي المبارك منذُ شهورٍ عدَّة في الاستعدادِ له، كما هو الحال في المؤتمرات السنوية الاثني عشر السابقة، في ﭐستنهاضِ الأقلام البحثية، والأفكار والعقولِ في الكتابةِ عن سيد الوصيين وسيدة نساء العالمين "عليهما السلام"، فكانت اللجنة التحضيريةُ للمؤتمر المبارك تسعى في استيعاب جميع المحاور التي لم يُكْتَب فيها، أو كانت الكتابات البحثيةُ فيها نادرةً وقليلةً، فضلًا عن حاجة المجتمع اليوم إليها.

مبيناً: أن النتائج بفضل الله تعالى كبيرة، حيث تسلّمت اللجنةُ الخاصةُ بتسلُّم البحوثِ (153) بحثًا، وبعد العرض الأول على هذه اللجنة المؤلَّفة من خمسة أفاضل لم يتم قبول (42) بحثًا؛ لعدم مطابقتها للمحاور الخاصة بالمؤتمر، أو شروط المشاركة، أو المنهج العلمي العام، ثم أُرْسِلَتِ البحوث المطابقةُ للمحاور إلى لجنةٍ علميةٍ من أساتذة كرام وأفاضِل في الجامعات العراقية وغيرها، فكانَ المقبول منها (82) بحثًا حاصل على درجة (70) أو أكثر وهي درجة قبول البحث في مؤتمرنا.

مؤكداً: إن الإرث المعرفي الذي تركه أهل البيت "عليهم السلام" هو بحق نجاة للبشرية جمعاء إذا ما تدبرنا في هذه الكنوز المعرفية، وابتعدنا عن التحزب والعصبية، وتخلصنا عن ضيق الأفق وانحصار الأفكار في فلك المادية العمياء، فمن وظائف الباحث والأستاذ والمعلم هو إيصال محاسن كلامهم "عليهم السلام" إلى الأذهان والعقول التي حُرمت من هذا النور).

وتخلل حفل الافتتاح عرض تقرير تلفزيوني من إنتاج قناة الجوادين استعرض نشاطات ودور وإنجازات اللجنة التحضيرية للمؤتمر العلمي السنوي الدولي والنشاطات المرافقة له.

بعدها ارتقى منصة البحوث رئيس الجلسة فضيلة الشيخ عًدِي الكاظمي ومقررها المهندس جلال النجار ليستمع الحاضرون في الجلسة الافتتاحية إلى بحث قدمه أستاذ الحوزة العلمية الشريفة سماحة السيد محمد آل يحيى "دام تأييده" بعنوان: (علي وفاطمة "عليهما السلام" صراط الخلق إلى الحق)، وتناول في أبوابه (باب إدارة الحكم، وباب بروتكول الإجراءات الإسلامية ومعالجة التطبيقات الفاسدة، وباب المنظومة مفاهيمية لبناء الفرد والمجتمع)، واختتمت فعاليات الافتتاح بتكريم العتبات المقدسة والمزارات الشريفة، والجامعات العراقية والمؤسسات المشاركة في هذا المُلتقى العلمي.

لتبدأ بعد ذلك الجلسات العلمية البحثية المسائية التي توزعت على القاعات الأربع في الصحن الكاظمي الشريف وهي: قاعة الإمام موسى الكاظم، وقاعة الإمام محمد الجواد، وقاعة الحمزة بن عبد المطلب، وقاعة أبي طالب بن عبد المطلب "عليهم السلام".

 يذكر أن هذا المؤتمر فرصة للانطلاق نحو فهم أعمق لمبادئ الحق والخلق، ولتكون سيرة علي وفاطمة "عليهما السلام" نبراساً يضيء الطريق في كيفية مواجهة التحديات بعزم، وإرساء دعائم العدالة في المجتمع.