الصحن الكاظمي الشريف يشهد انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الدولي السنوي العاشر

ساهمت العتبة الكاظمية المقدسة في إثراء الساحة الإسلامية، وقطعت أشواطاً كبيرة تمكنت خلالها رعاية الكثير من المشاريع العلمية والمعرفية والثقافية والنهوض بالجوانب البحثية وذلك من خلال مؤتمراتها وندواتها في مختلف مجالات الحياة والتي أخذت صداها الواسع بين الأوساط العلمية في داخل العراق وخارجه، فضلاً عن مسؤوليتها الشرعية في تبصير المجتمع بعلوم ومعارف أهل البيت "عليهم السلام" ونشر الوعي الفكري والمبادئ الرسالية وتعزيز القيم الإنسانية والمهدوية وترسيخها لدى الأمة لتكون مناراً تستضيء منه الأجيال اللاحقة والإنسانية جمعاء، لذا فقد فتحت أبواب هذا الصرح الديني أمام النخب المفكرة للإسهام وبشكل فاعل في تنمية روح البحث العلمي الإسلامي المعاصر وإيجاد حالة من التواصل بين الباحثين وتلاقيهم في هذه الرحاب الطاهرة، برعاية مباركة من قبل خادم الإمامين الكاظمين الجوادين، الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الدكتور حيدر حسن الشمّري انطلقت فعاليات المؤتمر العلمي الدولي السنوي العاشر تحت شعار: (القضية المهدوية بين فلسفة الانتظار وتحديات الظهور) للمدة من 10 ، 11 / 12 / 2021 بحضور ممثل المرجعية الدينية في مدينة الكاظمية المقدسة سماحة الشيخ حُسين آل ياسين "دامت توفيقاته" ووفود العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة، وكوكبة من الشخصيات الأكاديمية البارزة ورؤساء وعمداء الجامعات العراقية ومديري المراكز والمؤسسات البحثية، ونخبة من فضلاء الحوزة العلمية الشريفة.
بدأت وقائعه بتلاوة مباركة من كتاب الله العزيز شنّف بها أسماع الحاضرين قارئ العتبة المقدسة الحاج همام عدنان، بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة والتي ألقاها أمينها الدكتور حيدر الشمّري قائلاً: (الأمل المنشود لا يتحقق بالتمني بل بالعمل والاستعداد والتمهيد، ومعلوم لدى الجميع أننا نعيش تحديات كبيرة أخذت تعمل على تفتيت القاعدة الشعبية التي لا بد أن تكتمل أركانها على المستوى الإيماني والفكري والنفسي فضلا عن العدة والعدد لتحقيق الظهور المبارك، فأخذت قوى الظلم بمختلف مسمياتها وانتماءاتها برفع معاول الهدم وأقلام التحريف مستخدمين الغزو العسكري مرة والغزو الثقافي مرات متواصلة حتى دخلت إلى البيوت من خلال الشاشات عن طريق الإعلام الناعم بعد أن وجدت الأبواب موصدة فاقتحمت البيوت واستهدفت المبادئ والأخلاق والعقيدة.
ومن أجل تسليط الضوء على متطلبات المرحلة ولتحشيد أقلام المفكرين والباحثين على التصدي لتلك التحديات اختارت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة (القضية المهدوية بين فلسفة الانتظار وتحديات الظهور) ليكون شعارا لمؤتمرها العلمي الدولي السنوي العاشر. فالقضية التي نحن بصددها هي قضية معاصرة متعلقة بإمام زماننا المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وجديرة بالبحث والتحليل لارتباطها بمصير الأمة، لذا نجد أن النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين قد أعطوا للإمام المهدي وغَيْبته وظهوره مساحةً في أحاديثهم ووصاياهم لأهميتها في حياتنا وسلوكنا وعقيدتنا. وعلينا كمنتظرين أن نوجّه كلّ مساعينا نحو التمهيد له ويجب أن نبني كلّ حياتنا على هذا الهدف، بل نجعله محورا تدور عليه كلُّ جهودنا.
وأضاف: علينا أن نبني الشخصية المُمَهِّدة أولا.. وثانيا-الانطلاق لإصلاح الآخرين وهو المحور الأبرز على الساحة في التمهيد للظهور المبارك، وهو محور هام جداً تُقطف ثماره اليانعة وتتحقق أهدافه اليافعة تدريجيا ولعل مخرجات مؤتمرنا بجهود الباحثين الكرام تصب في هذا الاتجاه.
فمسؤوليتنا كبيرة إذ لا بد من الثبات على العقيدة الصحيحة وترسيخ الموالاة لأهل البيت عليهم السلام لا سيما إمام العصر والزمان (عجل الله فرجه). ومما لا شك فيه إن هذا الأمر مطلوب على مختلف الأزمنة والعصور إلا أنه ورد التأكيد عليه في خصوص عصر الغَيبة، لغَيبة الإمام من جهة، ولكثرة الفتن والشبهات والتشكيكات التي تطرح من قبل الأعداء والتي قد تجرف البعض من جهة أخرى).
تلتها مشاركة لفرقة إنشاد الجوادين بأنشودة عنوانها: (القائم العَلَمُ)، بعدها ألقى فضيلة الشيخ عَدِي الكاظمي كلمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر ورد فيها: ( كانت الافكار منبثقة من هموم مشتركة داخل اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر الكريم وتحمل مسؤولية الاشتراك ولو بالنزر القليل عن هذا المنقذ العالمي، فكان القرار ان يكون مؤتمرنا الذي ينعقد اليوم ببركة الله عن ( صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى)، فالنتاجات التي وصلتنا هي بالحقيقة محل فرح وسرور لكون أن محاور هذا المؤتمر التي خصصت له لم تكن سهلة المنال للغور فيها أو الكتابة في تفرعاتها، وببركة الإمامين الهمامين تم تسلم (51) بحثا من داخل العراق وخارجه من سوريا وفلسطين وإيران والهند كتبت عن قضية الإمام المهدي "عجل الله فرجه الشريف"، ثم أرسلت البحوث المقبولة وعددها (45) بحثاً مطابقاً للمحاور إلى اللجنة العلمية الخاصة بتقييم كل بحث من حيث متانة النص وفكرة الباحث والإبداع الفكري له وغيرها من القيود مع اشتراط من اللجنة التحضيرية للمؤتمر أن تكون درجة القبول للبحث هي (70%) فكانت البحوث المقبولة على هذه الشرائط هي (29) بحثاُ رصينا جامعا لكل شرائط البحث العلمي الاكاديمي والحوزوي معاً.
وتخلل حفل الافتتاح عرض تقرير تلفزيوني من إنتاج قناة الجوادين استعرض نشاطات وإنجازات اللجنة التحضيرية للمؤتمر العلمي.
كما شهد المؤتمر كلمة علمية لسماحة السيد محمد صادق الخرسان "دامت توفيقاته" بيّن خلالها: ما ينبغي الاستشعار والاهتمام بالقضية المهدوية، كونها تختلف شكلاً ومضموناً عن القضايا النهضوية الأخرى، والتي أشار إليها بأنها درس الحياة لإقامة دولة العدل الإلهي وفق أحكام الثقلين، كما ناقش سماحته مفهوم " إدارة التنوع " وهو أحد الفروع المعرفية المعاصرة والذي تناول الملف الإنساني والأبعاد الاجتماعية والفكرية والثقافية في إدارة شؤون البلاد والعباد.
مؤكداً على ضرورة توثيق العلاقة مع إمامنا الحجة "عجل الله فرجه" الذي ادخره الله تعالى رحمة لعباده، والانتماء إليه بالفعل والسلوك والسواعد والنفس والمال لا بالقول والشعارات فقط، ولا بد ان يكون الانتظار إيجابياً مليئاً بالعلم والعمل من أجل التمهيد لظهوره المبارك.
بعدها استمع الحاضرون في الجلسة الافتتاحية إلى ورقتين بحثيتين الأولى بعنوان: (المولى الذي يلي أمر الإمام المهدي عجل االله فرجه) للباحث حسن هادي سلمان، والأخرى بعنوان: (الحدائق النضرة في سيرة النبي والعترة) للباحث المهندس عبد الكريم الدباغ.
لتبدأ بعد ذلك الجلسات العلمية البحثية التي توزعت على القاعات الثلاث في الصحن الكاظمي الشريف وهي: قاعة الحمزة بن عبد المطلب "عليه السلام"، وقاعة مكتبة الجوادين العامة، وقاعة مدرسة الجوادين الدينية.