ندوة ثقافية حول إدارة الوقت

انعقدت ندوة ثقافية مساء يوم الخميس 13/2/2014م في قاعة مكتبة الحسينية الحيدرية بالكاظمية بحضور عدد من الشخصيات الدينية والاجتماعية والأكاديمية، واستضيف فيها أ.د (جمال عبد الرسول الدباغ) الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة وألقى خلالها محاضرة بعنوان (إدارة الوقت)، وبيّن فيها أهمية الوقت ووصفه بنعمة من نعم الله علينا، وحينما تكون هناك نعمة فمن المؤكد أن تشكر للحفاظ على ديمومتها مستشهداً ببعض الأمثلة والروايات، كما أكد على أن الوقت ثروة ليس للفرد المسلم بل ثروة وطنية فيه الإنجاز والبناء الحضاري الذي يحفظ للأمة كيانها، واستعرض بعد ذلك الوقت في القرآن الكريم ووضح بذلك أن علاقة الإنسان بربه مرتبطة بالزمن وجميع العبادات لها أمد زمني محدد لا يمكن تجاوزه، وعبّر عن الوقت بأنه عُمر الحياة وميدان وجود الإنسان وساحة ظله وبقائه ونفعه وانتفاعه، مستشهداً بقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ( والضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)، (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)، ودليل آخر على جلالة الوقت في تحديد أوقات العبادات ووصفه بوعاء ا لعبادة في قوله تبارك وتعالى: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ) .... واستطرد في حديثه لآيات أخرى تحث على استغلال وقت الليل بالتهجد والأسحار بالاستغفار، وغيرها في المسابقة إلى تحصيل الخير واستثمار أوقات الفراغ بالأعمال المفيدة، فالإنسان مأمور أن يستغل كل ثانية في طاعة الله عز وجل، وتطرق إلى أهمية الوقت في الأحاديث الشريفة وما أكدته السنة المطهرة بأن الوقت من أصول النعم وأجلّها وأعظمها والكل مأمور بأن يوفق بحفظه وأن لا يتجاهله، فكان الرسول الأكرم وآله الأطهار(عليهم السلام) أشد الناس حرصاً على أهمية الوقت، وما ورد عنه(صلى الله عليه وآله) حين قال: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، وقوله حينما سُئل عن أي الأعمال أفضل، قال: (الصلاة لوقتها) وذكر ما ورد في دعاء يوم الأحد في الصحيفة السجادية: (واجعل غدي وما بعده أفضل من ساعتي ويومي)، وفي دعاء كميل: (أسألك بحقك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك ان تجعل أوقاتي في الليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة) ... كذلك بيّن أهمية الوقت عند العلماء والأعلام معززةً بالأحاديث والشواهد فضلاً عما ورد عن معناه في المعاجم، وذكر عن مفهوم إدارة الوقت بأنه لا يدار لأنه هبة السماء لكل البشر والكل فيه سواء، ويجب الاستفادة منه لتحقيق الأهداف التي نسعى إليها في حياتنا مع المحافظة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل، وله خصائص منفردة لا نستطيع التحكم فيها وهي: إنه ملك الجميع فالبعض يوظفه بشكل جيد والآخر يهدره ويضيعه، يمر بسرعة محددة وثابتة ويسير إلى الأمام، لا يُباع ولا يُشترى، لا يمكن تخزينه وزيادته و إنفاقه مقدماً، إنه وعاء لكل عمل، الوقت لا ينتظر أحداً، لايكلفنا مقدراً من المال ولكن إضاعته قد تكلفنا الكثير . كما بيّن عوامل تضييع الوقت التي ينبغي تجنبها وهي: عدم إدراك أهميته، التهاون في استغلاله، عدم وجود أهداف وخطط يومية ومستقبلية، ضعف العزيمة والتردد، حب الإنسان أن يفعل كل شيء بنفسه مما يضيع وقتاً طويلاً، عدم التفريق بين الشيء المهم والأقل أهمية، الركون إلى النعمة الى من أمن مكر الله تعالى، التكاسل وعدم إكمال أمر قد تم الشروع به، التسويف والمماطلة، الإفراط الشديد في العلاقات الاجتماعية على حساب جوانب أخرى أكثر أهمية السلبية واللامبالاة ومحاولة تبرير الخطأ والإخفاق وغيرها، وكل هذا قد يؤثر بالمجتمع سلباً ويساعد على ضعف الأمة وهوانها وتفككها، ويؤدي الى نتائج سلبية كالفقر والجهل والبطالة وانتشار الأعمال غير الصالحة، وتضاؤل فرص تقدم المجتمع واللحاق بركب الحضارة. وأشار الى بعض الخطوات التي تساعد على حسن استغلال الوقت من بينها: وضع قائمة بالأعمال وتحديد الأولويات، تخصيص وقت للأمور التي تحتاج الى التركيز الشديد، تحديد زمن معين لإنجاز أي مهمة، لا تنجز الأعمال تحت ضغط الوقت، تعلم فن السرعة، التسلح بالمنهجية أي التفكير المنطقي والخطوات المدروسة. ثم اختتمت الندوة بإيجاز فوائد إدارة الوقت وهي تحقيق الذات من خلال إنجاز الأهداف، انخفاض معدل الضغوط النفسية، تحسين نوعية العمل، زيادة سرعة الانجاز تحقق نتائج أفضل، زيادة الدخل، والاستمتاع بالوقت. وختاماً أثرى الحضور الكريم الندوة من خلال فتح باب الحوار والمناقشة والتعقيب والأسئلة .