الدم الحرام في الشهر الحرام

article image

أعظم الله لكم الأجر، وأحسن لكم العزاء، لمناسبة حلول شهر محرم الحرام، الذي يقبل علينا لتذكرنا ايامه بأعظم فجيعة عرفتها الإنسانية حيث استشهاد سيد الشهداء، سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فإذا هل هلال هذا الشهر نشرت الملائكة ثوب الحسين ( عليه السلام ) وهو مخرق من ضرب السيوف، وملطخ بالدماء فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر، فتنفجر دموعنا . مع إطلالة هذا الشهر – محرم الحرام - تنشر الملائكة قميص الإمام الحسين(عليه السلام)، وتعلن الحداد في السماء قبل الأرض، حيث استباحت الأمة دم عزيز الله تعالى، وسبط رسوله (صلى الله عليه وآله)، في أبشع صورة شهدتها الإنسانية جمعاء فاستباحت الدم الحرام في الشهر الحرام ولم تفِ بوعدها الذي قطعته لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن منافقي الأمة لم تدرك حقيقة الإمام الحسين (عليه السلام)، ظانين أنه يمثل ذاته وشخصه فقط، وأن ثورته تنتهي مع مرور الوقت, وأنه ثائر كسائر الثوار ليس إلا، وكذلك لم يدركوا مطالب الإمام الحسين (عليه السلام)، والحقيقة أنهم غفلوا وجهلوا أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان يمثل جميع الأنبياء والمرسلين( عليهم السلام)، وأن مطالبه هي عين مطالب الأنبياء والمرسلين(صلى الله عليه وآله). ولذا كرّس أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أوقاتا كبيرة لشرح وبيان واقعة كربلاء، وأهدافها وغاياتها، وقد أعطوا الصور الواضحة للواقعة وما جرى على قائدها وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام)، في أدعيتهم ونصوص الزيارات التي علمّوا الناس نصوصها، ثم أن النبي والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) أشاروا للواقعة قبل وقوعها، وبعد وقوعها، فقد أشار النبي الأعظم(ص)، في يوم ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) إلى كيفية قتله، وصرّح بأسماء قاتليه، ومكان قتله، وأن أمته تخذله فيقتل وحيدا غريبا بأرض كربلاء، وكذلك أخبر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قتله في واقعة تميّز بين الحق والباطل على أرض كربلاء، والإمام الحسن (عليه السلام) له مقولة مشهورة قالها للإمام الحسين (عليه السلام): (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدعون أنهم من أمة جدنا محمد ( صلى الله عليه وآله )، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء رمادا ودما، ويبكي عليك كل شيء حتى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار) . إما بعد الواقعة فقد تحدث أئمة الهدى (عليه السلام) عن الواقعة بعد وقوعها وأعطوها أهمية فائقة وأكدوا على زيارته وأصحابه (عليهم السلام)، تذكرة للواقعة وعدم نسيانها، فقد روي عن الإمام سيد الشهداء (عليه السلام) أنه أوصى الإمام زين العابدين (عليه السلام): (بلِّغ شيعتي عني السلام وقل لهم : إن أبي مات غريباً فاندبوه، ومضى شهيداً فأبكوه) . ويفهم من بعض الزيارات أمران : الأول، دخول السرور على قلب رسول الله والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين). والثاني: إدخال الغيض والحزن على قلوب أعداء الله ورسوله وأهل بيت النبوة, فلابد لنا أيها الإخوة والأخوات أن نندب الحسين(عليه السلام)، ونذرف الدموع، ونبدي الأحزان، ونقيم المآتم .