دروس من فكر عاشوراء..

article image

ما زالت نهضة الإمام الحسين(عليه السلام), مشعلاً تُنير درب المؤمنين من أجل إعلاء كلمة الحق وإرساء معالم العدل الإلهي, وفي كل عام نجدد هذه الذكرى لنستذكر الواقعة المؤلمة ونستلهم منها الدروس والعبر وتضحيات الجليلة التي قدمها الإمام الحسين بدمه الطاهر وبـأهل بيته الأطهار(عليه السلام) .
فالذي يجمعنا بسبط رسول الله و الولاء له هو خطه القويم ومنهجه السديد في الدفاع عن العقيدة الإسلامية والقيم الإنسانية والأخلاقية, حيث أصبح أنموذجاً يحتذى به لمواجهة كل مظاهر الظلم والاستبداد ومناراً لكل أحرار العالم, فنهضة الحسين(عليه السلام) ليست حكراً لفئة معينة أو مذهب فكري أو عقيدي محدد, فهي معين ينهل منه المسلمون وغيرهم كي يتجدد الإسلام وتستمر شعلته في التوهج.
إن لذكرى واقعة الطف ومواقفها وأحداثها وجوانبها التاريخية والمشاهد المروعة التي واجهتها عيالات رسول الله(صلى الله عليه وآله) والتي يندى لها جبين الإنسانية استحقاقاً بأن لا نقف في زوايا التاريخ والطواف بين المشاهد التاريخية والتركيز على ما جرى في كربلاء وردود الأفعال تجاه هذا الحدث, بل الوقوف على ما بنيت عليه المسيرة الحسينية ومبادؤها من أسس وقيم رصينة تمثلت بالفكر والعقيدة فيجب ان نحاكم أحداث ووقائع عصرنا وفق معايير الثورة الحسينية.
ولأننا كل يوم نعيش واقعة طف جديدة, لنتساءل ألا يوجد اليوم آلاف مثل يزيد والشمر وعمر بن سعد وعبيد الله بن زياد؟ ـ لعنة الله عليهم ـ ألا يمارس من يزعم إنهم مسلمون اليوم ممارسات أعداء الحسين المعاصرين له؟ نفسها ويحكم باسم الإسلام ، وكذلك يوجد من يرفع شعارات إسلامية ويرتكب أبشع الجرائم باسم الجهاد يقتلون الأطفال ويرملون النساء، وينتهكون الحرمات ويسعون و يجاهرون بعدائهم لأتباع الحسين (عليه السلام) .
فيجب أن ننطلق ونتوجه بأنفسنا وإصلاحها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لنتعلم من الإمام الحسين(عليه السلام), كيف نقف بوجه الظلم والفسق والطغيان وننهج أروع الأمثلة في درجات التكامل الخلقي, لتكون نبراساً لنا في الحياة, فالقضية الحسينية ستبقى خالدة تتجدد جيلاً بعد جيل لما تحمله من حسّ رسالي وقيم إنسانية ذات أثر في مجالات الحياة بصغيرها وكبيرها, وكذلك تسهم إسهاماً كبيراً في تلاحم صفوف الأمة، وبناء وحدتها، والخروج بها من حالة الشتات والتمزق، والنزاع والاحتراب إلى حالة التفاعل الروحي الصادق مع المبادئ الحسينية, وترتفع بهذه القضية إلى مستوى الأهداف العليا والمقاصد الطاهرة، الأخلاق السامية الرفيعة .