الإمام الجواد (عليه السلام) أنموذجاً للكمال الإنساني

article image

إن الحديث عن شخص وصي من أوصياء خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله)، يستوجب أن يكون على قدر منزلته ورفعة شأنه (ليس كمثل ما نتكلم به عن غيره من القادة والعلماء)، فليس الحديث عنه حديثاً تاريخيا يسجل أحداثاً ووقائع تمرّ على شخصه كأي شخص غيره على سبيل التعرف على مفردات تاريخه، وإنما الحديث عنها إنما هو الحديث عن الإنسان الكامل الذي له قابلية تحمل أعباء الرسالة الذي تجسدت فيه جميع تطلعات الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله) وجهودهم التي بذلوها في إنقاذ الخليقة من الوقوع في شباك الشيطان والانزلاق في مهاوي الانحراف، وتبديد ظلمات الجهالة وأوهام النفس الأمارة، وإنارة السبل المؤدية إلى فضاءات الهداية الإلهية.
نعم إن الكلام عن الإمام محمد الجواد (عليه السلام) الإنسان الكامل الذي واجه الحياة بالإرادة والوعي، وتصدى لمقام الإمامة المُنصب لها من الله تعالى رغم صغر سنه الذي قد يعتبره البعض حاجبا لتسنّم مقاليدها، إلا إنه القائد الذي يقود الأمة إلى ربى الفضيلة والمُعلم الذي يُعلمها معنى الحياة الخالدة، والمربي المتمم للأخلاق الفاضلة, فإنه العالم الذي بدد حلم الحاقدين والحاسدين، ودفع خنق الجهلة والمارقين، واعتلى منصة النبيين، وتربع على عروش الوصيين، واحتوى قلوب المؤمنين.
وهل يستطيع التاريخ كشف ما حوته طيات صفحاته وعظمة شخصه ومفردات حياته التي بحد بذاتها سجلت التاريخ وصنعته، رغم كيد أعدائه والمتربصين فهو قبل أن يكون إماماً للعابدين المتقين، كان مدرسة للقيادة وعلما للفكر، وإشارة للحركة والحياة، وآية تبعث الاستقرار والأمان، إنه سليل سيد الأنبياء والمرسلين وسيد الأوصياء والمتقين.
ومهما طال الكلام وكثر نظم السطور والصفحات لا يسعنا أن نترجم ما يدور بخلدنا عن إمام كان نظير نبي الله عيسى في مهده، ونظير نبي الله يحيى في صباه، فقد نطق بالحكمة صغيرا، وحملها صبيا، ملأت علومه الآفاق، وانتفعت بمآثره الشريعة الغراء، مؤطرة بنور الإخلاص والولاء، مسبوغة بالجد والوفاء. تاسع أئمة أهل بيت النبوة، وسليل صاحب الرسالة العالم الرباني، المعروف بأبي جعفر الثاني علم الهدى، ونور التقى، والعروة الوثقى، المنتجب المرتضى، المتوشح بالرضا، ابن الرضا محمد بن علي الجواد (عليه السلام).
فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.