كاتب وكتاب نهج البلاغة

article image

يعتبر هذا الكتاب من أعظم الكتب التي أغنت المكتبة الإسلامية بتراثها الخالد وكذلك من اوسع المؤلفات التي أحاطت بكلام وأحاديث وبحر العلم والبلاغة باب مدينة علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) فلا نستطيع بهذه العجالة ان نصف مكنون درر هذا النهج الرباني الخالد الذي صار مصدرا من المصادر الإسلامية الكبرى التي تتحدث عن علم وعبقرية وبلاغة الامام علي (عليه السلام) حتى ورد عن احد شارحيه الشيخ محمد عبده قوله بحق نهج البلاغة : (( ولا اعلم اسما أليق بالدلالة على معناه منه ، وليس في وسعي ان اصف هذا الكتاب بازيد مما دل عليه اسمه .... وليس في اهل اللغة الا قائل بان كلام الامام علي بن ابي طالب هو اشرف الكلام وابلغه بعد كلام الله ونبيه (صلى الله عليه واله وسلم) واغزره مادة وارفعه اسلوبا ، واجمعه لجلائل المعاني ، فاجدر بالطالبين لنفائس اللغة والطامعين في التدرج لمراقيها ان يجعلوا هذا الكتاب اهم ما حفظوه وافضل مأثورهم)) وقال أيضا الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد في حق هذا السفر العظيم الخالد: (( وهو الكتاب الذي جمع بين دفتيه عيون البلاغة وفنونها ... اذ كان من كلام افصح الخلق – بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) – منطقا واشدهم اقتدارا ، وابرعهم حجة ، واملكهم للغة يديرها كيف شاء ، الحكيم الذي تصدر الحكمة عن بيانه ، والخطيب الذي يمل القلوب سحر لسانه ... ))وكل ما يقال بحق كلام امير المؤمنين (عليه السلام) فهو قليل وقليل ، ولقد تضمن هذا الكتاب المبارك في طياته عن خطب الامام علي (عليه السلام) في شتى العلوم والمناسبات وكذلك على رسائله وكلماته القصيرة إضافة للحكم والآداب والامثال إضافة إلى المواعظ والآداب وذكر المغيبات التي اخبر عنها (عليه السلام) واما ما كان السبب في وضع هذا النهج العظيم وتأليفه فيقول جامعه (( فاستحسن جماعة من الأصدقاء والإخوان ... وسألوني عند ذلك ان ابدأ بتاليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وان من تتبع هذا الكتاب القيم يراه قد اشتمل على جميع الابواب التي يحتاجها الانسان في حياته العلمية والعملية فلقد اشتمل على إضافة على ما تقدم على معرفة التوحيد واسرار التوحيد والمعرفة الإلهية وما يتعلق بذلك وكذلك الخطب الجليلة في التحميد والثناء على الله تعالى وذكر سيرة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وما يتعلق بالخلاق الإسلامية ودرر الحكم البليغة وما يتعلق بشؤون ادارة الدولة من قضاء وجباية الضرائب وغير ذلك من الادب والعرفان ، ولقد اشار جامع هذا الكتاب السيد الشريف الرضي في مقدمة كتابه بقوله : (( ولا ادعي مع ذلك اني احيط باقطار جميع كلامه (عليه السلام) .... )) ولذا فقد تم استدرالك بعض ما فات الشريف الرضي واسماه بـ (مستدرك نهج البلاغة) في نهج البلاغة للعلامة الشيخ (الهادي كاشف الغطاء) ولهذا السفر الخالد (نهج البلاغة) شروحا وتعليقات كثيرة إضافة إلى البحوث التي كتبت حوله ومن اوسع شروح هذا الكتاب واشهرها (شرح نهج البلاغة لابن الحديد المعتزلي) وغير ذلك من الشروح كثير ، واما جامع هذا الكتاب فهو السيد الجليل (الشريف الرضي) محمد بن حسين بن موسى بن محمد بن ابراهيم بن موسى بن جعفر (عليه السلام) ولد في سنة (359) هـ صاحب المؤلفات المشهورة في الافاق والايادي الواسعة لاهل العلم والعلماء ولو لم يكن من اثاره الجليلة الخالدة الا هذا الكتاب لكفى ولكن كيف وهو بارع في كل علم وفن جاء ذكره في جميع الكتب التي تعرضت إلى ذكر العلماء والرجال والانساب مقرونا بالتجليل والتعظيم ذكره صاحب كتاب عمدة الطالب في انساب ال ابي طالب : (( فهو الشريف الاجل الملقب بالرضي ذي الحسبين يكنى ابا الحسين نقيب النقباء ببغداد فهو ذو الفطنة الشايعة والمكارم الذايعة كانت له هيبة جلالة وفقه وورع وعفة ... ولي نقابة الطالبين مرارا وكانت اليه امارة الحاج والمظالم ... )) وروى ابن خلكان ((ان الشريف الرضي احضر إلى ابن السيرافي النحوي وهو طفل جدا لم يبلغ عشر سنين فلقنه النحو قعد يوما في الحلقة فذاكره فذاكره بشيء م الاعراب على عادة التعليم فقال : اذا قلنا : رايت عمر فما علامة النصب في عمر فقال بغض علي فتعجب السيرافي والحاضرون من جدة خاطره)) وذكر الثعالبي في اليتيمة في ترجمته (( ابتدأ بقول الشعر بعد ان جاوز عشر سنين بقليل وهو اليوم ابدع ابناء الزمانوانجب سادة العراق يتحلى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بادب ظاهر ، ومحظ من جميع المحاسن ، ثم هو اشعر جميع الطالبين من مضى منهم ومن غبر على كثرة شعرائهم المفلقين ولو قلت انه اشعر قريش لم ابعد عن الصدق ...)) ، والحديث عن الشريف الرضي حديث عظيم لا يسع المقام لذكره ولكن اقتطفنا هذا الايجاز عن حياته ، وله (رضوان الله عليه) مؤلفات عديدة نذكر منها :
•نهج البلاغة
•المتشابه في القران
•مجازات الاثار النبوية
•تلخيص البيان عن مجازات القران
•الخصائص
وإضافة إلى ذلك فله عدة قصائد ومن اشعاره في الحسين (عليه السلام) :
كربلا لا زلت كربا وبلا
ما لقى عندك آل المصطفى
كم على تربك لما صرعوا
من دم سال ومن دمع جرى
توفي في 6/محرم الحرام/406هـ ودفنه وصلى عليه فخر الملك الوزير ابو غالب ودفن في داره ثم نقل إلى مشهد الحسين (عليه السلام) بكربلاء فدفن عند ابيه .