يا ليتنا كنا معكم ..
غالبا ما يردد أصحاب المنابر عندما يرتقي المنبر الحسيني، وعامة الناس عند زيارة المعصوم (عليه السلام)، كلمة – يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما-، ويأتي السؤال : هل يمكننا أن نكون مع الأئمة الهداة (عليهم السلام)، أو مع الإمام الحسين (عليه السلام) خاصة، والحقيقة أن هناك قراءات عدة للواقع تنم على عدم الوصول إلى المعنى الحقيقي لهذه المفردات التي تضيء الحياة برمتها، وقد يستغرب بعض الناس هذا الكلام ، والحقيقة تقول إن أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام) بلغوا أعلى مراحل المعية والقرب ممن تولوا، فهم قدموا التنازل عن الدنيا مطلقا- تنازلوا عن المناصب، و الأزواج، والأولاد، والأموال، والأصحاب، والأقارب والعشيرة – وكل ما يربطهم وله علاقة بالدنيا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إنهم كانوا مؤدين للواجبات التي فرضتها الشريعة المقدسة، مبتعدين عن ارتكاب المعاصي والآثام.
ثم إن أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام)، قد حافظوا على الصلاة حتى في أحلك الأوقات وأحرجها، وأنهم ذكروا الصلاة وأقاموها، فهذا أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين عليه السلام : ( يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين، نعم هذا أول وقتها ثم قال : سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي ) ، هذا أنموذج لأصحاب الحسين (عليه السلام)، وأنه ذكر الصلاة في أول وقتها وهو في ساحة الوغا والحمام منه قريب، وقد دعا الإمام الحسين (عليه السلام) له بأفضل الدعوات المقربة إلى الله تعالى وإنه ليعلم أنه مفارق الدنيا، فقال له : ( ذَكَرتَ الصَّلاةَ، جَعَلَكَ اللهُ مِنَ المُصَلّينَ الذَّاكِرينَ، نَعَم هذا أوَّلُ وَقتِها)، هذا هو الفوز العظيم، إن الإمام (عليه السلام) يدعو لأحد أصحابه للفوز بمقامين عظمين، الأول : منزلة ومقام المصلين. والثاني : منزلة ومقام الذاكرين، فأي فوز فاز أبو ثمامة، فضلا عن المقامات الأخرى التي نالها عند الدفاع عن حرم الله تعالى والمقدسات، والاستشهاد، وغيرها من المقامات التي جهلناها أو غابت عنا.
والأهم والأعظم أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : (ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه، واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا، أولئك شيعتنا) ، فمن أراد أن يكون مصداقا للكون معهم عليه أن يكون وفق الخط الإلهي الذي سلكه أئمة الهدى والحق (عليهم السلام)، وأن يكون بمستوى مسؤولية التمني في الفوز بالمعية معهم (عليهم السلام)، وأن ينظر إلى عمل أصحاب الحسين (عليه السلام) يوم الطفوف كيف أنهم طلّقوا الدنيا بما فيها، وأعطوا كل ما لديهم وما يملكون حتى الأنفس قدموها قرابين لأجل صيانة الدين الإسلامي الحقيقي، وديمومته وحفظه، هكذا هم الأصحاب الذين فازوا بمعية الإمام الحسين (عليه السلام).
وبسبب انتشار الإسلام بشكل سريع وفعال في معظم بلدان العالم بل دخوله إلى بلدان الشرك والإلحاد، تبدلت برامج الاستعمار الحديث فأعدوا برامج جديدة تحارب الإسلام وأهدافه وغاياته من قبل شذاذ الأمة، ليهدموا المبادئ الإسلامية وخلقها السامي، فأهلكوا الحرث والنسل باسم الإسلام، عندها وثب العراقي الغيور، شمّر عن ساعديه، ونظم صفوفه، ليصد الريح العاتية ويمزقها على صخرة صموده، وأن يحدد شبابنا مواقفهم في كتابة التاريخ، وأن يكتبوه بخط عريض من خلال محورين : الأول : محاربة كيان داعش الارهابي، والمجاهدة في إيقافه وطرده من أرض المقدسات. والثاني : مواجهة الفساد والعمل بجد على استئصاله قبل تشريه والتسبب في هلاك الأمة. وبذلك يحفظ الشباب الدين الحنيف ويعيد أمجاد الأمة، ويقودها نحو ربى الازدهار والرقي.