أعراف وتحديات

article image

لعل من أهم الأشياء التي تدفع الإنسان بعيداً عن فضيلة الشجاعة هو العُرف بما له قوة تأثير على سلوكه، فهذا خُلق حسن يقع بين رذيلتين، الجُبن والتهور، وقلَّ ما نجد أشخاصاً قد تخلوا بهذه الفضيلة وابتعدوا عن ضديها من الرذائل في كثير من مواقف الحياة، فنجد في كثير من المناسبات أن الإنسان يحيد عن مواجهة العرف (البدعي) غير المستند إلى أساس شرعي أو قانوني، بل هو من ابتدع بعض الأفراد الذين كانت لهم السطوة في زمن ما، ثم تحول بالتقليد ومرور الزمن إلى قانون عرفّي لا يستند إلى أصل من عقل أو نقل، ولعل المشكلة لا تظهر واضحة في الغالب، وإنما تطفو على السطح إلى حين يُغلب الناس هذا العُرف على الشرع الإلهي أو القانون الوضعي، ويصبح المجتمع في معضلة عظمى تؤثر سلباً على الجميع، وكثيراً ما يدفع المد العرفي بالإنسان إلى الخنوع والسكوت لقوته، ومن أبسط الأمثلة على ذلك ما يحصل من إطعام في مجالس العزاء الشخصية، حيث نرى مدى الإسراف الحاصل فيها، والجهد العظيم الذي يبذله أهل المصاب في إتمام تلك المآدب المرهقة، كما لا ننسى أن الكثير منهم لا يملك ثمن ذلك الإطعام، أو ربما يكون في حاجةٍ ماسة لتلك الأموال، ولعلها تعود إلى أيتام قاصرين، هذا كله بغض النظر عن كراهة الأكل عند أصحاب المصيبة، ولعل هذا الأمر من الممكن السكوت عنه، إن كان بلدنا يعيش أوضاعاً طبيعية، ولاشك أن المشكلة تبدو أفظع والحال أن أبناءنا في الحشد المقدس يمرون بأوقات عصيبة في الكثير من المواقف وهم بأمس الحاجة للدعم والمساندة وهم أولى بهذه الأموال والأطعمة، ولا ننسى الأرامل واليتامى، وهنا يأتي دور الشجاعة التي تحدثنا عنها في أول الكلام، نعم في هذه الأيام نجد بعضاً ممن تسلح برداء الشجاعة ورفع لافتة في مدخل العزاء تقول(مصاريف الإطعام أرسلت إلى أبنائنا في الحشد الشعبي) أو (تم التبرع بمصاريف العشاء إلى مؤسسات الأيتام) هذه العبارة إنما تعبّر عن قوة قلب شجاعة قلُ ما نشاهده اليوم وإلى الله المشتكى.