المصلح بين الزوجين في النص القرآني

article image

إن قطع شريان الحياة الزوجية، وتلاشي روحانية العلاقة المقدسة، يكون لأسباب عدة، من بينها غياب مبدأ الاحترام والثقة المتبادلة بين الطرفين، فضلاً عن مسببات اجتماعية أخرى، كتدخل احد ذويهم في شؤونهم الزوجية اوغيرها من الدواعي الاجتماعية المسببة للشقاق، والذي ينتهي في بعض الأحيان إلى مفترق الطرق المعروف بـ (الطلاق)، وقد اظهر كتاب الله الكريم حلولا ناجعة لعلاج المشاكل الزوجية، من بينها تفعيل دور المصلح الذي حدثت عنه الآية الكريمة إذ حدث عز من قائل: ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) ، ولأهمية دور المصلح بين الزوجين، لابد أن يتميز شخصه بعدة شروط، أهمها أن يكون من أهل العدل والتقوى، وان لا يظلم طرفا على حساب الأخر أي المقصود هنا الزوج أو الزوجة، إذ فضل متقلدي العدل كبير عند الله ويكون بعمله قريب من التقوى إذ جاء في الآية الكريمة من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ، ولابد ان يكون المصلح أيضاً مدركاً لأهمية الرابط المقدس؛ لانه سيساهم بقوله وعمله في حفظ نواة المجتمع الإسلامي، ومن الضروري أن يكون من المذكرين بمبادئ وقيم القران العظيمة تلك التي تبين أهمية الشراكة الزوجية، ومنها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، ولابد ان يتحلى بالمصداقية في القول لأهميته في صيانة أسرار الزوجين، وأي مصلح يعمل بحق في مسعاه الكريم، سيحذو في خطى الأنبياء والأولياء(عليهم السلام) والصالحين من العباد، والذين تجلت غايتهم النبيلة الدنيوية بالإصلاح، ولأهمية الإصلاح المجتمعي في الإسلام فقد أشار إليه الباري عز وجل في خطابه الكريم للأنام وهو قوله تعالى: (فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ) ، وقد ورد في الروايات أيضا فضل المصلح بين الزوجين إذ جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث المتعلقين بأغصان شجرة طوبى وهو قوله: (ومن أصلح بين المرء وزوجه والوالد وولده والقريب وقريبه والجار وجاره والأجنبي والأجنبية فقد تعلق منه بغصن) ، وورد أيضا: (من مشى في إصلاح بين امرأة وزوجها، أعطاه الله أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله حقا وكان له بكل خطوة يخطوها وكلمة في ذلك عبادة سنة قيام ليلها وصيام نهارها) ، ولاشك أن دور المصلح الحقيقي يصب في تذويب الخلافات بين الزوجين، والقضاء على مفهوم الاستعلاء الذي قد يتقلده احد الطرفين أو كليهما في بعض الأحيان، وبالتالي سيساهم في حماية سقف الأسرة من الانهيار والتصدع وهو الذي يستظل تحته الأبناء من المؤثرات المجتمعية المختلفة الخطورة.