التعبئة الجهادية واجب مقدس

article image

إن الهجمة البربرية التكفيرية الشرسة التي تعرض لها بلدنا العزيز كانت لها انعكاساتها المريرة بما تسببه هذا العدوان من تنكيل واضطهاد لأبناء شعبنا الجريح ،غير أنه في الوقت ذاته قد ساهم في إيقاظ الضمائر وتعبئة النفوس ، وكانت للفتوى الجهادية التي دعت إليها المرجعية الرشيدة المتمثلة بسماحة آية لله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) الدور الأكبر والأبرز في شحذ الهمم وتوحيد الصفوف والسير في المواجهة المسلحة لهذا العدو الغاشم.
وقد قطف العراقيون الشرفاء ثمار تضحياتهم على طريق الشهادة ،وتآزرهم في دعم المقاتلين ماديا ومعنويا بأن توالت الانتصارات التي قلبت المعادلة وسجلت تفوقا هائلا لمقاتلي الحشد الشعبي في أكثر من ميدان ومحور من محاور جبهات القتال والمواجهة فمن ديالى إلى جرف النصر إلى تكريت وبيجي و الأنبار .
غير أن جانبا مهما ينبغي التوقف عنده والتأكيد عليه دائما ، كي يكون الانتصار متلاحقا وتكون ديمومة الاندفاع الهائل في مواجهة الأعداء الاوهو الدعم المعنوي واللوجستي ومراعاة عوامل القوة للمقاتلين والحرص على تلبية احتياجاتهم ورعاية عوائلهم والاهتمام الذي يكفل حقوق عوائل الشهداء منهم ،وقد أكدت المرجعية الرشيدة على هذا المعنى في أكثر من موضع لأعطاء المعركة زخماً هائلاً،ومن البديهي أن ذلك قد ساهم و يساهم في إذكاء الروح المعنوية لدى المقاتلين ويشد من عزائمهم فليس العبرة في تحقيق الانتصارات المتلاحقة فقط بل في الحفاظ عليها ومد المعركة بوقودها اللازم من الجهاد والتضحيات .
إن شحذ الهمم وتقوية العزائم من الضرورات التي أكد عليها ديننا الحنيف في المجالدة ومقارعة الأعداء وهي من دواعي أسباب النصر وتولد الرعب والخذلان في صفوف المعتدين ولقد أمر الباري عزوجل نبيه الأكرم بالتحريض على الجهاد بقوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ )
كما يستنفرهم للمواجهة ودعم المعركة بالأموال والأنفس بقوله تعالى (انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) ،كما إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحرص على إطراء المقاتلين في سبيل الله ورفع شانهم كي يكون في ذلك حافزا للآخرين بأن يحذو حذوهم ،ومما لاشك فيه ان ذلك يكون مصداً مانعا لما يروّجه الأعداء من أكاذيب وإشاعات يحاولون من خلالها تثبيط عزائم المقاتلين وكسر معنوياتهم ،وهي من الاستخدامات المعاصرة للاستفادة من الحرب النفسية والإشاعة لهز مشاعر الخصوم في المواجهة ،واللتان استخدمتا وبدعم لامحدود من وسائل الإعلام المأجورة والمغرضة التي سببت الانهيار السريع والمفاجئ لقواتنا الأمنية بسقوط الموصل ،وفسح المجال للأوباش الحاقدين لتنفيذ أبشع الجرائم التي يندى لها جبين التاريخ الإنساني .
من هنا يجب أن تكون التعبئة المعنوية للجهاد أولوية لحسم المعركة وقطع الطريق على وسائل الإعلام المغرضة المشبوهة عبر إظهار الحقائق وفضح الأكاذيب والإشاعات التي تروج لها منابر الدعاية المعادية ،كما يتعين على الشريحة الاجتماعية المثقفة الاستخدام الأمثل لوسائل الاتصال الجماهيري ،يأتي ذلك في توسيع دائرة المعارف الاجتماعية ،وفتح قنوات اتصال مجتمعية من خلال تكثيف الندوات الثقافية والتعبوية وتعزيز دور المنابر الخطابية بأنواعها وإقامة المعارض والمسارح والمهرجانات في المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني وحتى في الساحات العامة وتوحيدها بالاتجاه الذي ينمي الروح الجهادية ،فضلا عن استثمار الوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة ومواقع الاتصال الاجتماعي ،كما ينبغي على الجميع توحيد الأفكار والرؤى باتخاذ المشتركات الوطنية والإنسانية منطلقا لتوحيد الخطاب الوطني والجهادي واعتبارهما من الأولويات في تعزيز التماسك المجتمعي وتوحيد القضية والهدف باتجاه إزاحة العدو المشترك.