صفحة في عداد الطيّ

article image

إرغام النفس على تقبل الصعاب، كان وما يزال ديدن رجال العراق الأحرار الذين لم يعجزوا أو يتقاعسوا عن خوض غمار المعارك الضارية ضد أعداء الدين والوطن، فهؤلاء جابهوا العدوان بقوة وببسالةِ لا مثيل لهما بين أبناء الأمم الأخرى، وقد لبّوا نداء المرجعية العليا لسماحة آية الله العظمى السيد الأعلى علي السيستاني (دام ظله) في الجهاد الكفائي، معلنين نيابة عن الإنسانية عن حربهم لقطع دابر و مخططات الإرهاب العالمي، عبر دحر أذنابه الدواعش في بعض مدن الوطن، فكان المجاهدون لهم بالمرصاد وقد أجهضوا اغلب خططهم اللعينة، ولم يتبقَّ من هذا الملف سوى صفحته الأخيرة وهي الموصل التي هي الأخرى في عداد الطيّ بإذنه تعالى، وإيمان هؤلاء الغيارى بالجهاد إنما لكونه السبيل الذي اختاره الباري للخلاص من براثن العداء الخارجي إذ ما تفاقم في أرض، وهو رغم صعوبته على الرجال إلا أَن عاقبته جيدة في جميع الأحوال، إذ يقول عزَّ من قائل: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
و قد أصبح الواقع مريرا في بعض المدن العراقية الخاضعة لسيطرة الدواعش، فهؤلاء الأشرار قد عبثوا بمفاهيم السماء وأعلنوا بأبواق الفتن والإلحاد عن بروز دين جديد لايمتُّ للأديان السماوية بصلة وهو من صنيعة وهابية وصهيونية وغيرها ممن لهم أطماع توسعية واستنزافية لخيرات العراق، وهو فكر تكفيري بحت يكفر البشر باستثناء متقلديه، ويهدف إلى طمس هويتنا الدينية والقضاء على الأعراف الاجتماعية النابعة من موروثاتنا الدينية وتاريخنا الإسلامي، فهذا الوطن التعددي قد تميز بعراقته بين الأمم والشعوب، وما كان من المجاهدين إلا إعادة هيبة الوطن وردع هؤلاء المفسدين ودكهم في معاقلهم ليلاَ ونهاراً، وقد شهد الجميع من أبناء هذا الوطن ومن الشعوب الإنسانية بصولاتهم، إذ وقفوا إجلالا لهم و للشهداء الابرار منهم، وتم الإعلان عن فجر جديد في المدن المحررة فجر أمنٍ خالٍ من الدواعش، واليوم والحمد لله لم يتبق سوى صفحة الموصل، والتي ناشد أهلها الأبطال الغيارى من أبناء الوطن لإنقاذهم، كي يتنفسوا عبق الحرية المنبعث من صولاتهم الكريمة ومن بارود بنادقهم، وتم بالفعل الإعلان عن تحرير العديد من القرى التابعة للموصل, وقد أشادت مرجعيتنا العليا بهذه الجهود المباركة وعلى لسان ممثلها سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة 19/ محرم/ 1438هـ الذي تحدث قائلاً: (ونأمل أن تكونوا قد اقتربتم من النّصر النهائي على الإرهابيين الدواعش، بتطهير جميع الأراضي العراقية من دَنَس وجودهم وإبعاد خطرهم عنها، ليعودَ الوطنُ مُوَحَّدا ويعود النازحون إلى مناطقهم مُعززَّين مُكرَّمين، كما أننا نتطلع إلى اليوم الذي تطوى فيه هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ العراق المليئة بإراقة الدماء وخراب الديار وآهات الثكالى ودموع اليتامى، وأنين الجرحى والمصابين، وتفتح صفحة أخرى يحل فيها الأمن والاستقرار على ربوع هذا البلد الطيب).
وصفحات الكتاب المشرق الذي يتصفحه المجاهدون حالياً في قضية تحرير الموصل، ستطوى على خير وسيكون النصر حليفهم بدعاء الخيرين من أبناء الوطن وبمباركة المرجعية لهم وببطولاتهم المستمرة في الميدان، ذاك النصر الذي به أعينهم تَقُّر وتُرزق فيه الفلاح إذ يقول تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).