الحشد لهم بالمرصاد

article image

عندما تطلع الشمس على خفافيش الليل تلجأ تلك الأخيرة موليةً إلى أوكارها في شقوق وكهوف الجبال المظلمة خوفاً من أن يعشي نور النهار أبصارها، مطلقة صرخاتها ذات الترددات العالية منددة بأشعة الشمس ولاعنة النهار بألف لسان، غير أن النهار يبقى نهاراً جلياً واضحاً يكشف عتمة الليل ويفضح السراق، وكذا عندما يسير النصر في ركاب الحشد المؤمن، لا يبقى أمام خفافيش الإرهاب إلاّ أن تولي هاربةً مذعورة إلى حواضنها في عمق البلدان المجاورة طالبة الأمن والحماية منها، وحينما تعتقد إنها بمنأى عن متناول سواعد أبطال المقاومة الإسلامية وأبناء الحشد الشعبي، تبدأ أصواتها بعد ما كانت خافتة متحجرشة في حناجرها، من هول ما لاقته من ضربات موجعة من أبناء المقاومة الإسلامية، تتعالى بالتنديد والتعريض بالحشد المبارك ورميه بالبهتان واتهامه بأبشع التهم، ثم تحشيد الرأي العام ضده، عبر فبركة صور مشوهة تصوره على أنه حشد يتحرك بدوافع طائفية وأطماع تمددية تهدف إلى تغيير ديموغرافية المنطقة الغربية من خلال تهجير أبناء تلك المناطق وتفريغها على أساس طائفي، وأنه لا يتحرك إلاّ تحت أمرة وأجندات خارجية، ولكن اتهاماتهم هذه لا يخفى كذبها على كل ذي لبٍّ ولا يسترها ثوب، فمهما حاولوا النيل منه فضحتهم الحقيقة، وألقمتهم حجر الخزي والعار، ومهما ألقوا في طريقه من الجيف ليلوثوا ثوبه الأبيض، ويزكموا أنفه بروائحهم النتنة، يبقى كالنهر الجاري طاهراً مطهراً لا يتنجس بملاقاة النجاسات والقاذورات، ويبقى هو مصدر الإرواء الذي يشرب منه الجميع، ولما اسقط ما في أيدي هؤلاء وباءت محاولتهم بالفشل والخذلان، لجأت عناصرهم الظلامية الضئيلة إلى لبس قناع التملق لأسيادهم والخضوع لاملاءاتهم وشروطهم، وأصبحوا على استعداد كبير لقبول أي شيء حتى لو وصل الأمر حد الامتهان، وحد سلبهم ثوابتهم ومقدساتهم، وليس هذا هو المهم عندهم المهم أن يحظوا بمساندة ومساعدة حلفاءهم من عبدة الشيطان، كي يوقفوا هذا المد الجارف وهذا الغضب الساطع، الذي أحاط ببؤر الإرهاب وأطبق على جيوبها، وهو وشيك على اجتياح ساحتها، ولم تبق أمامه إلاّ حملة واحدة ينهي بها فصل الإرهاب للأبد، لذا بادر هؤلاء إلى حركة وردة فعل حمقاء يرجون بها انتشال ما يمكن انتشاله من أشلائهم الممزقة وأوصالهم المتبددة، فقاموا أولاً باستقدام الغرباء من أقصى بقاع الأرض ليستعدوا بهم على أبناء جلدتهم، ومن ثم تآمروا مع بعض الحكومات الحاقدة على العراق، لإضعافه بغية الإجهاز عليه من قريب، ولكن الأمر لم يستقم لهم بجهود أبناء الحشد وما قدموه من شهداء وتضحيات جسيمة، ولما رأوا أن غزلهم قد نقض من بعد قوة، وأنهم لا يستطيعون فعل أي شيء مادام جدار الصد قائماً، مدوا أيديهم ليتحالفوا مع الشيطان، وينَظّروا لمشروعه الأكبر في تقسيم العراق على أساس طائفي وقومي، فأقاموا مؤتمراتهم المشبوهة في تلك البلدان الراعية للإرهاب تحت سقف الكراهية والحقد كمؤتمر الأردن وقطر وتركيا، ليخرجوا ببيانات تدعو إلى منع الحشد من الدخول إلى المناطق الغربية بحجة أنه يحمل مسميات كثيرة ( كتائب حزب الله والعصائب ولواء علي الأكبر ولواء أبو الفضل وغيرها ) قد تربك الوضع في المنطقة، وإن تلك الفصائل تقاتل لا لأجل الدواعي الوطنية وتحرير تلك المناطق من زمر الإرهاب، وإنما بدواعي الحقد الكامن في النفوس والاحتقان الطائفي وتصفية الآخر، كما أنهم كرهوا أن يكون النصر وتحرير المناطق المغصوبة من قبل الإرهاب بسواعد أبناء الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية، وكرهوا أن يكتب التاريخ ذلك بإسمهم، فبادروا إلى قطع الطريق لما أن أحسوا أنه قد أقترب من تحرير الأنبار، واستعد لتحرير الموصل، استدعوا القوات الأمريكية للدخول إلى الأنبار، كما شجعوا القوات التركية على التوغل في الأراضي العراقية وصولاً إلى منطقة بعشيقة على حدود الموصل بحجة أنّها قوات عسكرية مهمتها التدريب، لقد ظن هؤلاء بأن استجلاب تلك القوات في مناطقهم، هو خير لأنفسهم بل هو شر لهم وسيطوقون بسوء فعلهم هذا، حالهم في ذلك حال المستجير من الرمضاء بالنار، وإن استقدامهم تلك القوات العسكرية معناه تقديم البلد بطبق من ذهب ( ودع البزون شحمه)،لأن تلك القوات ليست مؤسسات خيرية تقدم المساعدات لوجه الله، بل هي دول توسعية لها مطامع في هذا البلد، وقد أعلنت صراحة عن مطامعها تلك، ثم أن السماح لها بالدخول إلى الأراضي العراقية من دون اتفاقات ومعاهدات بينها وبين حكومة المركز، فيه اعتداء صارخ على سيادة البلد منافياً لكل الأعراف الدولية، وهو خطوة أولى لتجزئة البلد وتقسيمه، ولكن إرادة الله ماثلة وقادرة على إبطال كل المخططات الرامية إلى تجزئة هذا البلد العظيم بلد الأنبياء والأوصياء، من خلال تفاني أبناءه أبناء الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية والجيش العراقي المبارك، الذين هم دائماً بالمرصاد للمتصيدين بالماء العكر، وسيعلم هؤلاء ومن سوَّل لهم أن هذه الأرض كانت وما تزال مقبرة لكل الغزاة.