نهاية المآل

article image

لكل شيء جذوة وتنطفئ في يوم من الأيام فالشباب مرحلة يمر بها الإنسان في حياته، فإذا وصل إلى مرحلة متقدمة من عمره أخذت تلك القدرة بالخمود والانطفاء شيئاً فشيئاً حتى يقف الإنسان على ركامه الذي جمعه في أيام حياتهِ، فإما أن يكون مثالاً يحتذى بهِ أو أضحوكة من أضحوكات الدهر يملؤها الندم، تلك هي الحقيقة التي يغفل عنها الكثير فيعيش أيامهُ وهي تنقضي في لهوٍ ولعبٍ وملذات دنيوية تأكل من عمرهِ كما تأكل النار الحطب، ثم لا يجد إلا الرماد يحثوهُ فوق رأسه المملوء بالذل والحسرة، وفي جانب آخر قد سطعت عليه شمس النهار وأشعة العلم النافذ إلى قلبهِ المستنير فأشرقت بالحكمة وتفجرت العيون من قلبهِ على لسانهِ، يبقى أن نعرف إن السبب في النتائج كانت محض إرادة الإنسان واختيارهِ لم يُجبر على شيء اختاره هو، فإما أن يكون سلطانهُ هواه والعقل تابع أسير له، أو كان عقلهُ هو الأمير وحواسه وشهواته مؤتمرةٌ بهِ، (كم من عقل أسير تحت هوى أمير ).
اليوم كما هو كل يوم نشهد على المثلين، شباب جلّ شغله الشاغل كيف يقلد بعض المشاهير في لبسهِ أو قصة شعره ولا يعلم من الدنيا إلا زينتها وزبرجها يبدأ يومه وينتهي ولم يدخل إلى وعائه المعرفي إلا الحشائش والآفات، وهناك في جانب آخر مثل يبعث في النفس الفخر والاعتزاز، شباب لم يعرفوا إلا العلم والمثابرة والرقي إلى مراتب المجد والإباء، وحين أصبح هذا الوطن الجريح بحاجتهم، مدّوا يد العون ولم يبخلوا بغالٍ أو نفيس في سبيل نصرتهِ والذود عن حماه، لذا نجد أن مرجعيتنا خاطبت تلك العقول المستنيرة ووجهت لها الخطاب ولا زالت ترفدها بالكلمات التي من شأنها تدفع بهم الى منصات المجد والخلود.
فهنيئا لمن كان عقلهُ أميرهُ وتعساً لمن لا ينقادُ إلا لهواه وشهوات زائلة، والعاقبة للمتقين.